اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 541
المسلمون، هل يقتلونهم ليغنموا تجارتهم، لأنهم لم يهاجروا، أو يتركونهم لأنهم مؤمنون؟) . وقيل: في قوم أسلموا ثم اجتَوَوا المدينة [1] ، واستأذنوا رسول صلّى الله عليه وسلم في الخروج إلى البدو، فلما خَرَجُوا لم يزالُوا راحلين مَرحلةٌ حتى لحقُوا بالمُشركين، فاختلف المسلمون فى إسلامهم.
[سورة النساء (4) : الآيات 89 الى 90]
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (89) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90)
ثم حكم بكفرهم فقال وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ أي: يتمنون كفركم كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ معهم سَواءً في الضلال والكفر.
الإشارة: مَنْ دخل في طريق المخصوصين الأبرار، ثم لم تساعده رياح الأقدار، فلا ينبغي الكلام فيه، ولا الخوض في شأنه، لأن أمره بيد ربه، (من يهده الله فلا مضل له) ، ومن يضلل فلا ناصر له. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
ثم نهى عن مُوَالاَتهم، فقال:
فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ ...
قلت: (حَصِرت) : أي: ضاقت، والجملة حال من الواو، بدليل قراءة يعقوب (حَصِرَةً) .
يقول الحق جلّ جلاله: فَلا تَتَّخِذُوا من هؤلاء الكفرة أَوْلِياءَ وأصدقاء حتى يتحقق إيمانهم، بأن يهاجروا من دار الكفر إلى دار الإسلام فِي سَبِيلِ اللَّهِ وابتغاء مرضات الله، لا لحرف دنيوي، فَإِنْ تَوَلَّوْا عن إظهار الإيمان بالهجرة فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَخُذُوهُمْ أسارى وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ كسائر الكفرة، وجانبوهم وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً أي: لا تستعينوا بهم في جهادكم، إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ عهد، ومِيثاقٌ أي: مهاندة، فلهم حكم المُعَاهَدِين الذين وصلوا إليهم، ودخلوا معهم في الصلح، فلا تقتلوهم ولا تأسروهم. [1] أي أصابهم الجوى: وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول. وذلك إذ لم يوافقهم هواؤها، واستوخموها، ويقال: اجتويت البلد: إذا كرهت المقام فيه، وإن كنت فى نعمة. انظر النهاية فى غريب الحديث (جوا) .
اسم الکتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 541